بعد 40 عاما الاسرائيليون يؤكدون: أن حرب الاستنزاف هي اصعب الحروب التي خضناها، واسرائيليون يرجعون سقوط حرب الالف يوم من الذاكرة الاسرائيلية الى فشل اسرائيل فيها
حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل، التي يطلق عليها بعض الاسرائيليين حرب الالف يوم والالف قتيل، في اشارة الى استمرار الحرب لثلاث سنوات تقريبا، وسقوط 1000 قتيل اسرائيلي فيها. وهي الحرب التي شكلت اول مثال عملي في كيفية مواجهة جيش متفوق عسكريا واستراتيجيا. ويقول العديد من الخبراء العسكريين ان حرب الاستنزاف كانت هي الملهم والنموذج المطبق من جانب حزب الله اللبناني وحركة حماس.
كانت هذه الحرب تهدف، بصفة عامة، إلى استنزاف العدو مادياً وعسكرياً ومعنوياً، بتدمير قواته وإلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية، وبالتالي دفع الثمن الذي سيتحمله طالما بقى محتلاً للأرض. وفي الوقت نفسه، عدم ترك الفرصة لكي يثبت مواقعه ويدعم تحصيناته، خاصة بعد أن بدأ في إقامة ما يسمى "بخط بارليف". كذلك، كانت تهدف بصفة أسـاسية إلى التدريب العملي والواقعي للقوات المسلحة في ساحة القتال الفعلية
بعد النكسة مباشرة ، بدأالصهاينة يعربدون هنا وهناك في عمليات عسكرية هي كانت رسالة للشعب المصري بأن جيش مصر وقع ولن تقوم له قائمة.. وكانت أغلب هذه العمليات بحرية لإرضاء قوات العدو البحرية التي لم تشارك في نصر67 وتريد أن يكون لها دور يرضيها !!!.. لذلك زادت العربدة وتكرر الاستفزاز باستعراض للقوة من أكبر وحدة بحرية في الجيش الإسرائيلي وهي المدمرة إيلات وبرفقتها سرب لنشات طوربيد!!! وتغطيها مظلة جوية من المقاتلات!!!.
من أول شهر يوليو وهو شهر عيد الثورة فى مصر... بعد النكسة بأيام!!!!.. ..والمدمرة العملاقة داخلة ـ خارجة في المياه الإقليمية قبالة بورسعيد. فى هذه الفترة الحرجة من التاريخ المصرى ، وعلى الجانب الآخر ، الصهاينة يعيشون زهوة النصر والفرحة الأكبر هي إحساس الصهاينة بأن المصريين انكسروا نفسيا!. هذا ما أحسوا به ولم يخطر علي بالهم أن المصريين شعب ليس له حل!. لم يفكروا في ذلك أبداً ، وجاءت ليلة11 يوليو وواصلت المدمرة إيلات عربدتها.. وخرج
لنشا طوربيد لرصدالموقف إلا أنهماوقعا في كمين وانفجر اللنش الأول بنيران مدفعية المدمرة إيلات وأصيب الثاني إصابة مباشرة وقائده النقيب عوني عازر ومعه الملازم أول رجائي حتاتة.. والاثنان صنعا ملحمة فداء عندما اتجها بقاربهما المصاب تجاه المدمرة في عملية فدائية هي قمة الشجاعة لينفجرا باللنش في المدمرة ويحدثا بها إصابات ولم يكن الهدف الإصابات إنما كان الهدف رسالة للصهاينة بأن وقت العربدة انتهي وأن لمصر يدا تطول أعداءها ورسالة للشعب بأن العدو الذي لايهزم سهل جدا الوصول إليه ونهش جسده.. والعملية الفدائية كان مغزاها ذلك!
قائد المدمرة إيلات قدم مذكراته في كتاب اسمه' المعركة الأخيرة للمدمرة إيلات'.. ووصف العملية الفدائية التي قام بها حتاتة وعوني بأنها شجاعة وصلت إلي حد الجنون وأنه شعر بالخوف الشديد واللنش في طريقه للمدمرة.. خوف وصل إلي حد الرعب من شجاعة هؤلاء الرجال الذين نجحوا في إحداث إصابات بالمدمرة، وبسببها دخلت ميناء أشدود للإصلاح ولعلاجالمصابين!.
فى معركة يوليوالبحرية أمام بورسعيد خسرنا فيها38 شهيدا لكننا خرجنا منها بانتصار هائل معنوي لرجال البحرية تحديدا صنعه عوني وحتاتة.. انتصار غير .
وجاء اليوم!
21 أكتوبر هو اليوم. المكان قاعدة بورسعيد والصباح نفس كل صباح إلي أن جاءت الثامنة والنصف صباحا وحملت بلاغا من قائد القاعدة إلي قائد اللنش504 بأنه يوجد هدف بحري قرب المياه الإقليمية ولمزيد من التأكد صعد الملازم أول حسن حسني ضابط أول اللنش إلي نقطة مراقبة بصرية فوق فندق مرتفع وبعد عشر دقائق شاهد حسن حسني مدمرة طراز زيليوس وأيضا رصدها الرادار وحدد موقعها علي بعد15 ميلا بحريا!. والمدمرة لم تتوقف علي مدي ساعات النهار عن الدخول والخروج في المياه الإقليمية.. وبدأت الشمس تغيب وكانت آخر شمس تغيب علي المدمرة!
صدر الأمر.. وتحرك لنش الصواريخ504 بقيادة النقيب أحمد شاكر عبد الواحد ولنش الصواريخ501 بقيادة النقيب لطفي جاد الله..
وبدأ التحرك.. وأصدر النقيب شاكر تعليماته بإيقاف جميع رادارات القاعدة حتي لاتشوشر علي دقة التصويب!. المهم أنه من بداية التحرك بدأ خداع العدو والتمويه عليه!. لم يخرج اللنشان من الممر الملاحي المؤدي لميناء بورسعيد وطوله ستة أميال.. لم يخرج اللنشان من الممر لأنه مرصود ومراقب برادارات المدمرة الرابضة هناك ، ولذلك تحرك اللنشان إلي عرض البحر من خارج الممر وخارجه توجد أخطار بحرية كبيرة لأن حاجز الأمواج يؤمن الممر!. خرج504 و501 بعيدا عن الممر وبالتالي عن عيون المدمرة أما سرعة اللنشين فقد تم تخفيضها لتكون بطيئة جدا لكي تبدو علي رادارات العدو أنهما ' بلانصات أى مراكب صيد ' وليست أهدافا حربية!!!.. وكان ذلك خداعا آخر للعدو وثالث خداع أن اللنشين سارا تجاه الهدف علي مسافة قريبة جدا من بعضهما ليظهرا علي شاشة الرادار وكأنهما مركب صيد واحد يسير ببطء!!!
الساعة تقترب من الخامسة والثلث مساء واللنشان504 و501 وصلا إلي مكانهما المحدد لإطلاق صواريخهما وتم إخلاء سطح اللنش504 الذي سيبدأ الهجوم وفي الخامسة و28 دقيقة انطلق الصاروخ الأول.. وهو أيضا الأول في أول عملية حربية بحرية في العالم تستخدم فيها صواريخ سطح ـ سطح. انطلق الصاروخ (وزنه2500 كيلو جرام) بسرعة هائلة وبارتفاع يتراوح بين100 و300 متر وأصاب منتصف المدمرة كما سجل رادار اللنش وبسرعة أصدر النقيب شاكر أوامره بإطلاق الصاروخ الثاني من نفس اللنش504 وفور إطلاق الصاروخ الثاني تم فتح الدرع الواقي وخرج الطاقم بأكمله إلي سطح اللنش وشاهدوا الصاروخ في السماء إلي أن انخفض وراء خط الأفق ولحظات وسمع الأبطال انفجارا هائلا وسحب دخان علي شكل عش الغراب ترتفع في السماء!. وأخذ الرجال يعانقون بعضهم بعضا بعد تأكدهم من إصابة الهدف..
وعاد اللنشان إلي قاعدة بورسعيد وفوجئا بأن بورسعيد كلها واقفة علي البحر وشاهدت الصاروخين في السماء ورأت الدخان وسمعت الانفجار.. لكنها وأقصد بورسعيد لاتعرف من يضرب من؟.
وما إن تسرب الخبر حتي رقصت بورسعيد بأكملها وبقي أهلها في الشوارع غير مكترثين بأي رد فعل من العدو.. وفجأة!
الرادارات التي كانت مغلقة تم فتحها وإذ بهدف موجود علي شاشاتها.. وصدر الأمر للنش501 بالتعامل معه وخرج الرجال بقيادة النقيب لطفي جاد الله ووصلوا إلي الموقع المحدد وأطلقوا أول صاروخ وتبعه الثاني واختفي الهدف للأبد من علي كل شاشات الرادار الموجودة!
غرقت المدمرة إيلات أكبر قطع البحرية الإسرائيلية وخرجت من الخدمة إلي الأبد ورقدت في قاع البحر المتوسط رقدتها الأخيرة في عملية هي الأولي في العالم.. لأن الصواريخ سطح ـ سطح لم تكن معروفة وعرفها العالم كله من خلال المقاتلين المصريين الذين كانوا أول من استخدمها في حرب.. وبعدها بسنين استخدمها الإنجليز ضد الأرجنتين في جزيرة فوكلاند المتنازع عليها!
هؤلاء هم أولاد مصر لمن لا يعرفهم من جيل الشباب العربى الحالى.... فسلامى إلى أرواح أبائى وإخوانى الشهداء رجال مصر العظام ، وسلامى إلى روح أبى جمال عبد الناصر ، وسلام من روحى إلى أرض الكنانة التى أنجبت " خير أجناد الأرض " كما وصفهم سيد الأولين والأخرين صلى الله تعالى عليه وسلم .
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ }التوبة14